الاثنين، 31 مارس 2014

مقدمة سورة يوسف




السـورة مـكيـة وهــي مـائــة وإحـدى عــشـرة آيــة.

تسميتها وسبب نزولها...


سميت سورة يوسف ، لإيراد قصة النبي يوسف عليه السّلام فيها ،
روي أن اليهود سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم عن قصة يوسف فنزلت السورة.
وقال سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه- فيما رواه عنه الحاكم وغيره- : أنزل القرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ، فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : لو قصصت علينا فنزل : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ [يوسف 12/ 3] و[الكهف 18/ 13] فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : لو حدثتنا فنزل : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزمر 39/ 23].
وقد نزلت بعد اشتداد الأزمة على النبي صلى اللّه عليه وسلّم في مكة مع قريش ، وبعد عام الحزن الذي فقد فيه النبي زوجته الطاهرة خديجة ، وعمه أبا طالب الذي كان نصيرا له.
روي في سبب نزولها أن كفار مكة لقي بعضهم اليهود وتباحثوا في شأن محمد صلى اللّه عليه وسلّم ، فقال لهم اليهود : سلوه ، لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ، وعن قصة يوسف ، فنزلت.
وبالرغم من أنها سورة مكية ، فأسلوبها هادئ ممتع ، مصطبغ بالأنس والرحمة ، واللطف والسلاسة ، لا يحمل طابع الإنذار والتهديد كما هو الشأن الغالب في السور المكية.
قال عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها.
وروى البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يتلو هذه السورة ، أسلموا لموافقتها ما عندهم.


 مناسبتها لما قبلها
نزلت هذه السورة بعد سورة هود ، وهي مناسبة لها ، لما في كلّ من قصص الأنبياء ، وإثبات الوحي على النبي صلى اللّه عليه وسلّم. وقد تكررت قصة كل نبي في أكثر من سورة في القرآن ، بأسلوب مختلف ، ولمقاصد وأهداف متنوعة ، بقصد العظة والاعتبار ،
إلا قصة يوسف عليه السّلام ، فلم تذكر في غير هذه السورة ، وإنما ذكرت جميع فصولها بنحو متتابع شامل ، للإشارة إلى ما في القرآن من إعجاز ، سواء في القصة الكاملة أو في فصل منها ، وسواء في حالة الإجمال أو حالة التفصيل والبيان.
قال العلماء : ذكر اللّه أقاصيص الأنبياء في القرآن ، وكرّرها بمعنى واحد في وجوه مختلفة ، بألفاظ متباينة على درجات البلاغة ، وذكر قصة يوسف ولم يكررها ، فلم يقدر مخالف على معارضة ما تكرّر ، ولا على معارضة غير المتكرر ، والإعجاز لمن تأمل .
المرجع : التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج للدكتور / وهبه بن مصطفى الزحيلي

حول القائمين على المدونة

القائمين على هذه المدونة:

***
ندى حمد العنزي "قامت بتصميم المدونة".
افنان جمعان الظفيري "موضوعات تخص المدونة".
لما عبدالله المنيع "موضوعات خارج عن عنوان المدونة (تجميل)".
الهنوف هزاع المطيري"موضوعات تخص المدونة".


إشراف المعلمة:

أ.نورة الزهراني

الجمعة، 7 مارس 2014

خروجه من السجن وبراءة عظيمة



               خروجه من السجن وبراءةٌ عظيمة

عرف الملك أن الذي قاله يوسف لا بد وأنه واقع لا محالة, فقال لساقيه نبوا وحرسه وأصحاب السجن القائمين عليه: }ائتوني به} اذهبوا وأحضروه فورا.

خرج نبوا مسرعا من المدينة قاصدا السجن وقد عرف أنه تأخر على يوسف ولم يذكره الا بعد بضع سنين. ولما وصل السجن دخل الى يوسف مهللا فرحا سعيدا بخروجه من السجن ولكن يوسف عليه السلام فاجأ صاحبه وقال: لن أذهب معك الآن واشترط لخروجه شرطا من الساقي أن يبلغ للملك, فقال يوسف:

}
ارجع الى ربك فسأله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم}.
رفض يوسف عليه السلام الخروج حتى تصح براءته عند الملك مما قذف به واتهم به, ودخل من أجله السجن وهو بريء منه.

رفض يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن بعطف الملك, ويرميه الناس بعدها ويقولون: ذا الذي رواد امرأة مولاه. فأراد يوسف أن يبين براءته, ويحقق منزلته ومكانته من العفة والطهارة والخير.

فلهذا قال لنبوا ساقي الملك: ارجع الى الملك وقل له واسأله:{ ما بال النسوة التي قطعن أيديهن, ان ربي بكيدهن عليم{

فرجع رسول الملك نبوا من عند يوسف حاملا رسالته هذه, فلما سمع الملك كلام يوسف, دعا النسوة اللاتي قطعن أيديهن ومعهن امرأة العزيز, وقال لهن: ما شأنكن, وذلك أن كل واحدة منكن كلمت يوسف في حق نفسها, فأجبن جميعا اجابة واحدة وقلن: حاشا لله ما علمنا على يوسف من سوء فهو شاب طاهر عفيف النفس حسن الخلق.

ونهضت امرأة العزيز من وسط النسوة وقالت:{ الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه} وان يوسف صادق ولم يكذب, فلما سمع يوسف هذا الكلام وهذه البراءة من امرأة العزيز قال:ليعلم سيدي العزيز أني لم أخنه بالغيب كما قيل عني واتهمني الناس.

فلما تبين للملك عذر يوسف عليه السلام وبراءته, عرف أمانته وكفايته وديانته وعلمه وعقله, وقال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي} فلما جاء نبوا الساقي ورسول الملك الى يوسف قال له: أجب الملك الآن.


خرج يوسف من السجن ودعا لأهل السجن بدعاء مشهور قال فيه:

"
اللهم عطف قلوب الأخيار, ولا تعم عنهم الأخبار" فهم أعلم الناس بالأخبار الى اليوم في كل بلدة.

ولما خرج من السجن كتب على بابه:

"
هذا قبر الأحياء, وبيت الأحزان, وتجربة الأصدقاء, وشماتة الأعداء"

ثم اغتسل يوسف وتنظف وتطهر من درن السجن, ولبس ثيابا جديدة رائعة, وقصد الى قصر الملك الريان, فلما وقف باب الملك قال: حسبي ربي من دنياي وحسبي ربي من خلقه عز جاهه وجل ثناؤه ولا اله غيره.

فلما دخل على الملك قال: اللهم اني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بك من شره وشر غيره.

فلما نظر اليه الملك سلم عليه يوسف بالعربية, فقال له الملك: ما هذا اللسان؟ وما هذه اللغة؟
قال يوسف: لسان عمي اسماعيل, ثم دعا له بالعبرانية.

فقال له الملك: ما هذا اللسان؟

قال يوسف: هذا لسان أبي يعقوب.

أعجب الملك بفصاحة يوسف ولغاته كما أعجب بأخلاقه وعفته وكان يوسف قد بلغ الثلاثين عاما, وأجلسه الى جواره وقال: اني أحب أن أسمع رؤياي منك مشافهة.

فقال يوسف: نعم أيها الملك," لقد رأيت سبع بقرات سمان شهب حسان غير عجاف كشف لك عنهن نهر النيل, فطلعن عليك من شاطئه, ينزل اللبن من ضروعهن, فبينما أنت كذلك تنظر اليهن وقد أعجبك حسنهن اذ نضب النيل, وغار ماؤه, وأصبح قليلا, وظهر قاعه, فخرج من طينه ووحله, سبع بقرات عجاف بطونهن لا تظهر, ليس لهن ضروع من شدة الضعف, ولهن أنياب وأسنان مخيفة, وأضراس وأكف كأكف الكلاب, وخراطيم كخراطيم السباع, فاختلطن بالبقرات السمان وهجمن عليهن وافترسهن افتراس السباع, وأكلن لحمهن, ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن, فبينما أنت تنظر وتتعجب كيف غلبنهن وهن مهازيل ضعاف ثم لم يظهر فيهن سمنة مما أكلن اذا بسبع سنبلات خضر وسبع أخر سود يابسات في منبت واحد جذورهن في التراب والماء, وبينما تقول في نفسك ما هذا؟ هؤلاء خضر مثمرات وهؤلاء سود يابسات في المنبت واحد وأصولهن في الماء اذ هبت فردت أوراق السنبلات السود اليابسات على الخضر المثمرات فأشعلت فيهن النار فأحرقتهن وصرن سوادا متغيرات فهذا آخر ما رأيت من الرؤيا, ثم انتبهت مذعورا"
فقال له الملك: فما ترى في رؤياي أيها الصديق؟

فقال يوسف: أرى أيها الملك أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا في هذه السنين الخصبة وتبني الأهرام والخزائن وتجعل القمح فيها بسنبله وقصبه ليكون أبقى ولا يفسد وقصبة القمح تصبح علفا للدواب. وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمر فيكفيك ما جمعته من طعام لأهل مصر ومن حولها. ثم يأتيك الناس من كل مكان ليأخذوا مما كنزت لهم من هذا الطعام, فيجتمع عندك من الكنوز ما لا يجتمع لأحد من قبلك.

تبسّم الريّان ونظر ليوسف نظرة اكبار واجلال وقال له: ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه لي ويكفيني الشغل فيه؟

فقال يوسف:{ اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم} أي أعلم بسني المجاعة وكاتب حاسب لهذا كله.

فقال الملك: ومن أحق منك؟ وولاه خزائن الأرض وقال له:{ انك اليوم لدينا مكين أمين{



وهلك العزيز الذي كان على هذه الخزائن قبل يوسف, وزوّج الملك يوسف بامرأة العزيز, وأنجب منها رجلين هما أفراييم بن يوسف, ومنشه بن يوسف, وأصبح يوسف من يومها مكينا أمينا, بعد أن خصه الله بمعجزات كثيرة لا تحص ولا تعد, ولعل أشهرها تأويله للرؤيا, رؤيا صاحبي السجن ورؤيا الملك الوليد